أكثر من 13 شهرٍ مرّت على بدء حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة المُحاصر، وأكثر…
مدنياً كنت أو عسكرياً فأنت تحت تهديد القتل والسلب.
تحقيق صحفي
لا يكفي أن تكون راعياً لأغنامك في بادية نائية، بعيداً عن الناس ومشكلات الحياة وتعقيداتها هارباً بنفسك من مواضيع مزعجة كالسياسة والحرب، وهذا لا يكفي أن لا تصبح هدفاً “مشروعاً” لمجرمين ينتسبون لتنظيم داعش أو من يختفي وراء ثياب التنظيم.
كانت هذه قصة “حميد العلي أبو ماجد” أحد أهالي بلدة درنج الواقعة تحت سيطرة قسد بريف ديرالزور الشرقي، حيث سرق منه اللصوص قطيعاً من الأغنام قبل أيام، وبعد جهد وتعب وبحث دام لأيام متواصلة، استطاع “أبو ماجد” الوصول لأولئك اللصوص فإذا هم ممن ينتسبون لخلايا داعش، إذ سرقوا أغنامه بعد اتهامه بحكم “الردة”، ولكن كشف الجناة غير مجرى القصة كاملة، حيث قُتل “أبو ماجد” صاحب الأغنام المسروقة على يد عناصر التنظيم بغرض إخفاء الأدلة وملابسات القضية، والمدهش في ذلك أن التنظيم تبنى العملية، لتنتهي القصة بتقييدها ضد مجهول من قبل حكومة “قسد” وأفرعها الأمنية.
فإلى جانب الاعتقالات العشوائية والمداهمات المفاجئة كانت تلك هي حال غالب عمليات الاغتيال التي تلاحق المدنيين وتقض مضاجعهم ككابوس يؤرق أمنهم وحياتهم الكريمة، فطيلة السنوات العشر الماضية عاش الشعب ما بين تشبيح النظام المجرم والحرب التي شنها بدعم الاحتلالين الروسي والإيراني على المنطقة الشرقية بُعيد تحريرها على يد أبنائها الأحرار، وبين غطرسة تنظيم داعش وأفعاله وجرائمه ضد أبناء المنطقة، وسرقة خيراتها وثرواتها خلال سيطرة قسد عليها بدعم التحالف الدولي.
إضافة لذلك عانى الأهالي ولايزالون من المجرمين وقطاع الطرق ومتعاطي المخدرات وسيئي السمعة ومعهم خلايا عصابات الأسد التي تنشط بشكل كبير في مناطق “شرق الفرات” محاولة بذلك زعزعة الاستقرار النسبي فيها وتصفية الشخصيات الثورية والمعارضة لنظام الأسد المجرم، حيث يعمل جميع هؤلاء باسم داعش التي هيأت أرضية خصبة بفكر الغلو والتكفير لتمرير إجرامهم بحق المدنيين ورفع سقف العمليات الأمنية ضد أصحاب الأموال والتجار بهدف جمع المال الطائل منهم وتهديدهم مستقبلاً لتنفيذ أي عملية أمنية أو اقتصادية.
وصل الحال في مناطق سيطرة قسد إلى أن تعمل خلايا داعش على إنذار الناس عبر رسائل مكتوبة على الورق وأخرى نصية عبر الهواتف النقالة أو عبر مكالمةدات هاتفية، بـ “أن عليك دفع مبلغ مالي وقدره 30000 ألف دولار خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة”، حيث وصلت هذه الرسالة لمدني من أهالي بلدة “الجرذي” شرق ديرالزور، كما داهم عناصر يُعتقد أنهم من داعش أحد المنازل في بلدة درنج، وقاموا بسرقة مصاغ من الذهب والتهمة هي الردة والعمالة، كل ذلك تحت اسم “الزكاة” التي يفرضها التنظيم على الأهالي في مناطق نشاطه محاولاً من وراء ذلك دفع تكاليف عملياته الأمنية وانضمام عناصر جدد ودفع نفقاتهم.
وفي مناطق سيطرة عصابات الأسد وميليشيات إيران والمحتل الروسي الواقعة غرب الفرات، لم يكن الوضع بأحسن حالاً إلا أن ما يقلل عمليات عصابات داعش هو العدد القليل من الأهالي العائدين للمناطق المحتلة من قبل العصابة، والذي لا يتجاوز 20 % من أبناءها، حيث اقتصرت عمليات التنظيم على استهداف عناصر الميليشيات الخارجين بمهمات عسكرية وأمنية في منطقة البادية المتاخمة للمدن والبلدات.
وكما أسلفنا فإن الأمر لم يقف عند هذا، فقد كان لمجندين من الأمن العسكري في عصابات الأسد والميليشيات الإيرانية التي تسيطر على مناطق غرب الفرات، بصمة في شرق الفرات عبر تصفية من له سابقة ثورية كحادثة اغتيال القيادي في الجيش الحر سابقاً “أحمد العواد” والذي ينحدر أيضاً من بلدة “درنج” وغيرها من الحوادث التي تمت تحت اسم التنظيم ببصمات النظام المجرم وأعوانه، وفي تصريح خاص لشبكة “نداء الفرات” جاء فيه: “إن مجموعة من ميليشيا الأمن العسكري التابعة لعصابات الأسد تحركت من مدينة القورية شرق ديرالزور لاستهداف نقاط قسد في الضفة الأخرى من نهر الفرات، حيث ردد المهاجمون عبارة “باقية” لإيهام عناصر قسد والمدنيين في المنطقة بتبعيتهم للتنظيم”، في حين أكد المصدر أن شخصية وهمية تنتمي لداعش ويُطلق عليها اسم “أبو ياسين العراقي” تشرف مع عدة عناصر على فرض أتاوات على عقود النفط المهرب إلى مناطق سيطرة النظام المجرم وذلك أيضاً باسم داعش وبعلم قسد، في الوقت الذي تتوارد اتهامات أن تلك الشخصية تتبع لأحد الطرفين (قسد – عصابات الأسد) المسؤولين عن عمليات نقل النفط إلى غرب الفرات بهدف الضغط على الطرف الآخر -بحسب المصدر-.
وكذلك يفرض التنظيم أتاوات على أصحاب المحال التجارية والدكاكين كما هو الحال في مدينة “البصيرة” والواقعة أيضاً تحت حكم قسد شرق ديرالزور، إضافة للكثير من العمليات التي تدار تحت اسم التنظيم في غالب مناطق شرق الفرات مستغلين حالة الفوضى والفلتان الأمني والفساد داخل قيادة قسد، كذلك غض النظر من قبل قيادات قسد عن هؤلاء المجرمين إما لصلة قرابة أو مصالح مشتركة جمعتهم، كما هو الحال بمنطقة العزبة شمال ديرالزور.
وفي خضم هذا الواقع المرير في مناطق حوض الفرات يتحتم على الصادقين من أبناء المنطقة والحريصين من أصحاب القرار أن يكونوا صفاً واحداً مع الأهالي في وجه هذه التعديات ووضع حد لكل من تسول له نفسه سرقة أرزاق الناس واستباحة أموالهم بتهم متعددة وتحت أي مسمى، بالتزامن مع الضغط على قسد ومن خلفها التحالف الدولي لأخذ دورهم الفعال في حماية السكان، وتسخير جزءٍ من إمكانيات المنطقة الشرقية وثرواتها الضخمة لحفظ الأمن بدل تهريبها لعصابات الأسد وميليشيات إيران وروسيا والتي تعتبر العدو اللدود والأول لأهالي المنطقة، إضافة للضرب بيد من حديد لكل من يلعب على وتر المساس بأمن الأهالي الذين يرون أن حملات قسد الأمنية باتت تستهدف المدنيين في غالب الأحيان عوضاً عن توجيهها لسحق خلايا داعش والميليشيات الإيرانية.
This Post Has 0 Comments